أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر
في صحيح مسلم عن نبيشة الهذلي أن النبي ﷺ قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل».
وإنما خص الله الأمر بالذكر في هذه الأيام المعدودات من أجل أن الذكر هو روح الدين، وإنما شرع الرمي للتذكير به، وقد حكى بعض العلماء أنه إنما شرع الرمي حفظًا للتكبير، فمن تركه وكبّر أجزأه، رواه ابن جرير الطبري عن عائشة رضي الله عنها، وإنما خص النبي ﷺ طول الوقوف عند الجمار للدعاء والتضرع حتى قيل: إنه وقف بقدر سورة البقرة. كله من أجل أن رمي الجمار ختام عمل الحج، فهو يدعو ويتضرع بقبول عمله، وكذلك أصحابه وقفوا صفوفًا يدعون ويتضرعون، فهذا المشعر الذي شرع للدعاء والتضرع وللذكر والتكبير قد انقلب إلى تزاحم وتلاكم وتدافع وخطر على الأرواح كبير، وصار الناس يذهبون إليها وهم متذمرون للمدافعة وقصد المغالبة، يؤيد بعضهم بعضًا، وصار أكثر الناس لا يباشرون الرمي بأنفسهم خوفًا على حياتهم، وإنما يستنيبون الأقوياء الجلداء في الرمي عنهم، وأكثرهم تقع جمارهم بعيدة عن الأحواض من أجل شدة الزحام والخوف من السقوط تحت الأقدام.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - يسر الإسلام في أحكام حج بيت الله الحرام / المقدمة - المجلد (2)