خروج رسول الله ﷺ وقصة سراقة بن مالك

فمكثا (يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر الصديق) في الغار ثلاثة أيام، ثم خرجا منه لسفرهما إلى الـمدينة، ونظر رسول الله ﷺ إلى مكة وقال: «والله إنك لأحب بلاد الله إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك لما خرجت» ثم إن الـمشركين من قريش ذهبوا في طلبهما كل مذهب من سائر الجهات، وجعلوا لمن ردهما، أو رأو أحدهما مائة من الإبل عن كل واحد منهما، فجاء رجل إلى قوم جُلوس فيهم سراقة بن مالك بن جعشم. فقال: يا سراقة، إني رأيت أسودة بالساحل، ولا أراها إلا محمدًا وأصحابه، فقال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا. أريد أن أُعَمِّي خبرهما، حتى أفوز بالجُعْل، ثم قمت فدخلت بيتي وأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وأخذت رمحي، وركبت فرسي، فدفعتها حتى قربت منهم فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، حتى إذا قربت منهما، إذ سمعت قراءة رسول الله ﷺ، ورسول الله ﷺ لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات. ويقول أبو بكر: يا رسول الله، لقد لَحِقَنا الطلب. ورسول الله ﷺ يقول: «لا تحزن إن الله معنا». فأرسل رسول الله عليه سهمًا من سهام الدعاء؛ فساخت قوائم فرسه بالأرض حق بلغت الركبتين، فخررت عنهما. قال: فناديتهم بالأمان، فوقفوا وعرفت حينئذ أنه سيظهر أمر رسول الله ﷺ، فقلت له: لله عليَّ أن أرد كل مَن جاء في طلبك، فادع الله لي أن يخرج فرسي. فدعا الله وخرجَتْ فرسه، وصدق في ذلك؛ فكان لا يجيء أحد من الطلب إلا رده، ويقول: قد كفيتم ما هنالك.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (13) هِجرة النّبي عليه الصّلاة والسّلام من مَكة إلى المدينة - المجلد (6)