السنة تذكر الأنبياء دائما بدلا من الرسل
إن السنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه، وهي تذكر الأنبياء دائمًا بدلاً من الرسل. ففي صحيح مسلم عن ابن عمر قال: كنا مع النبي ﷺ في سفر فنزلنا منزلاً فمنا من يصلح خباءه، ومنا من يصلح جشره، ومنا من ينتضل إذ نادى منادي رسول الله: الصلاة جامعة. فاجتمعنا فقال: «إنه ما من نبيّ إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم عن شر ما يعلمه لهم، وإن هذه الأمة جُعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرَها بلاءٌ وأمور تنكرونها، تجيء الفتن يرقق بعضها بعضًا، تجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي. ثم تنكشف..» إلى آخر الحديث.
فأخبر النبي ﷺ أنه ما من نبي من الأنبياء إلا كان حقًّا واجبًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم عن شر ما يعلمه لهم، فأين هذا النبي الذي لا تجب عليه الدعوة ولا تبليغ الرسالة؟ لأن هذا هو مقتضى أمانة نبوتهم، لأنه إنما سمي نبيًّا لكونه ينبئ عن الله أمره ونهيه وحلاله وحرامه وسائر فرائضه وأحكامه، فهذه وظيفة جميع الأنبياء كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ ٧٣﴾ [الأنبياء: 73]. أما نبي يوحى إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه فهذا إنما يوجد في الأذهان دون الأعيان ويجب تنزيه الأنبياء عن الاتصاف به.
ومثله قوله ﷺ: «مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى دارًا فأتقنها وجمّلها إلا موضع لبنة منها، تم صنع مأدبة ودعا الناس إليها فجعلوا يعجبون من حسنها إلا موضع تلك اللبنة. قال: فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء» رواه مسلم عن جابر. وقال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» وقال: «نحن معاشر الأنبياء بنو علات» . الدين واحد والشرائع متفرقة يعني أن لكل نبي شريعة من الصلاة والزكاة والصيام والحلال والحرام تناسب حالة أمته وزمانه غير شريعة الآخر. قال تعالى: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗا﴾ [المائدة: 48].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - إتحاف الأحفياء برسالة الأنبياء / " النبي محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والرسل وشريعته آخر الشرائع " - المجلد 1