أمثلة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم
أما معجزات نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فإنها كثيرة جدًّا، ولسنا بصدد إحصائها قي هذا المقام الضيق.
فمنها: نبع الماء من بين أصابعه، ومنها تكثير الطعام القليل حتى يشبع منه الخلق الكثير، ومنها قصة الأعرابية صاحبة السطيحتين، أي الراوِيَتَيْن، وحاصلها ما رواه البخاري في صحيحه عن عمران بن الحصين، قال: كنا في سفر مع النبي ﷺ فاشتكى إليه الناس من العطش، فدعا عليًّا وفلانًا. فقال: «اذهبا فابتغيا الماء» فانطلقا، فلقيا امرأة بين سطيحتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ فقالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة. فقالا لها: انطلقي. قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله ﷺ. قالت: الذي يقال له: الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين. فجاؤوا بها إلى رسول الله ﷺ، ودعا النبي ﷺ وأطلق العُزال، ونودي في الناس: اسقوا، واستقوا. فملؤوا قربهم وقدورهم، وأوانيهم، وأعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، فقال: «اذهب، فأفرغه عليك». وايم الله لقد أقلع عنها، وأنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأها. وقال لها رسول الله ﷺ: «تعلمين ما رزأنا من مائك شيئًا، ولكن الله هو الذي أسقانا». فأتت أهلها، وقالوا: ما حبسك عنا؟ قالت: العجب؛ لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له: الصابئ، ففعل كذا وكذا. فوالله إنه لأسحر ما بين هذه وهذه، تعني السماء والأرض، أو إنه رسول الله حقًّا. وبسبب هذه المعجزة أسلم قومها.
وكان العرب يسمون الرسول ﷺ: الصابئ، من أجل أن الناس يصبون إليه -أي يميلون إليه- ويدخلون في دينه، ومثله ما جرى له مع شاة أم معبد وكانت عجفاء هزيلة لا تطيق المشي مع الصحاح، فمسح ضرعها، وسمّى الله عليها، فتشافت، واجترت، ودرت، ثم انفجرت باللبن.
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
لكن المعجزة الخالدة الدائمة إلى يوم القيامة هي معجزة القرآن الحكيم، الذي تحدى الله به جميع الأولين والآخرين، على أن يأتوا بسورة من مثله؛ فعجزوا مع بلاغتهم وشدة فصاحتهم ﴿قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا ٨٨﴾ [الإسراء: 88]. فهو معجزة الدهور، وآية العصور، وسفر السعادة، ودستور العدالة، وقانون الفريضة والفضيلة، والواقي عن الرذيلة.
وفي الصحيحين: أن النبي ﷺ قال: «ما من الأنبياء من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمنّ عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيًا أوحى الله إليَّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة».
الله أكبر إن دين محمد
وكتابه أقوى وأقوم قيلا
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - البراهين والبينات في تحقيق البعث بعد الوفاة / " الإيمان بالإسراء بنبينا محمد ﷺ [ قبس من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم ] " - المجلد (1)