هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع القدر

كان من هدي النبي ﷺ فعل التداوي في نفسه، والأمر به لمن أصابه مرض من أهله، وأصحابه، وكل ما شرعه رسول الله ﷺ لأمته، وأمر به، فإنه من الدين الذي يجب اتباعه، واستعماله، ويدخل في عموم قوله: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز». فالأنبياء والعلماء دينهم الأمر، وعليه مدار العمل، مع إيمانهم بالقضاء والقدر، فهم يقدمون الأمر، ويحاربون القدر بالقدر، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما بلغه أنه قد وقع الطاعون بالشام، فامتنع عن دخول البلد من أجله، وعزم على الرجوع بأصحابه، ولما قال له أبو عبيدة: أفرارًا من قدر الله يا عمر؟ قال: نعم، نفرّ من قدر الله، إلى قدر الله. ويقولون: القدر لا يمنع العمل، ولا يجب الاتكال عليه، لا الاحتجاج به، إلا في حالة بذله للأسباب التي تقيه وترقيه وتحفظه، فمتى غلبه الأمر بعد ذلك، فإنه لا يلوم نفسه على تقصيره أو تفريطه، ولن يلومه الناس، إذ قد ينزل بالشخص من البلايا والمحن، ما لا طاقة له به؛ ولهذا قال: «ولا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا» ؛ لأن هذا من اللوم المذموم.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الإيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر / " بطلان الاحتجاج بالقدر: المحتجون بالقدر حجتهم داحضة عند ربهم - ربط الأسباب بالمسببات " - المجلد (1)