نهى رسول الله ﷺ عن سكنى القرية الوبيئة

جاء قوم إلى النبي ﷺ فقالوا: يا رسول الله إن لنا بلدًا هي ريفنا ومصيفنا، ولكننا إذا نزلناها ضعفت أجسامنا، وقل عددنا. فقال رسول الله ﷺ: «اتركوها ذميمة فَإِنَّ مِنَ الْقَرَفِ التَّلَفَ» . فنهى رسول الله ﷺ عن سكنى هذه القرية الوبيئة، وأخبر أن مقاربة الوباء عين الهلاك والتلف. وكان أصحاب رسول الله ﷺ يتقون أسباب البلاء، ويتباعدون عن مواقع الوباء، مع قوة توكلهم على الله. ولما سافروا صحبة أمير الـمؤمنين عمر بن الخطاب إلى الشام، واقتربوا من البلد، تلقاهم أبو عبيدة بن الجراح وأخبرهم أن الوباء وقع بالبلد، فنزل عمر بالناس، وقال: يا ابن عباس ادع لي الـمهاجرين قال: فدعوتهم له؛ فاستشارهم. أيقدم البلد أم يرجع بأصحاب رسول الله ﷺ فاختلفوا عليه: فمنهم من قال توكل على الله واقدم البلد. ومنهم من قال: ارجع بأصحاب رسول الله ﷺ. ثم قال: ادع لي الأنصار. فدعوتهم له. فاتفقت كلمتهم على أن قالوا: نرى أن ترجع بأصحاب رسول الله ﷺ ولا تقدم بهم على الوباء. فأمر مناديًا ينادي: إني مصبح على ظهر فتأهبوا للرجوع. فقال أبو عبيدة: أفرارًا من قدر الله يا عمر؟ قال: نعم؛ نفر من قدر الله إلى قدر الله . فهذا دليل على أن الصحابة كانوا يستعملون الأسباب والوسائل التي تحفظ صحتهم، وتقيهم من الوقوع في الوباء، مع قوة توكلهم على ربهم، واعتقادهم أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة 1 " / 31 جواز الأدوية المباحة والتطعيم - المجلد 6