مطالبة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم له بالنفقة

لما كان من حالة عيش النبي ﷺ ما هو معروف من القلة فكان يمضي عليهم الشهر والشهران وما أوقد في بيت من بيوته نار، فاجتمع نساؤه يطالبنه بالنفقة عالية أصواتهن عليه، فسمع عمر أصواتهن وزجرهن وقال: يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولم تهبن رسول الله ﷺ؟! فأنزل الله سبحانه آية التخيير: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا ٢٨ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا ٢٩﴾ [الأحزاب: 28-29]. فقلن كلهن: نريد الله ورسوله والدار الآخرة ولن نعود إلى المطالبة بالنفقة بعد اليوم. وفيه دليل على جواز مطالبة المرأة بالفسخ عند قطع النفقة عنها بلا سبب يوجبه منها، وكونها تجب إجابتها إلى ذلك لكونه لا يستحق القوامة عليها إلا ببذل النفقة التامة، فمتى كان هذا التخيير النازل في القرآن وقع في حق الرسول مع زوجاته، مع العلم بواسع عذره من عوزه وقلة موجوده، فما بالك بمن قطع نفقته عن زوجته إضرارًا وعنادًا أفلا تستحق المطالبة بفسخ نكاحها وإجابة دعوتها في تخليصها من عصمته؟ إذ لا حق له في استدامة نكاحها إذ هذا من الضرر الذي يجب إزالته.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " حكمة إباحة تعدد الزوجات " / إزالة الشقاق بعملية الوفاق أو الفراق || المجلد (2)