أركان الإسلام الخمسة هي أظهر الشرائع وأعظمها
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب الإيمان: إنه مما يسأل الناس عنه كثيرًا، قولهم: إذا كان مما أوجب الله من الأعمال الظاهرة أكثر من هذه الخمسة التي هي أركان الإسلام، فلماذا قال: الإسلام مبني على هذه الخمس: الشهادتين، والصلاة، وأداء الزكاة، وصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام؟
ثم قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم».
فأجاب: بأن هذه هي أظهر شرائع الإسلام وأعظمها، وبقيامها يتم استسلامه للإسلام، وبتركه لها يشعر بانحلاله عن قيد الإسلام.
قال: والتحقيق أن النبي ﷺ ذكر الدين الذي هو استسلام العبد لربه مطلقًا، والذي يجب لله عبادة محضة على الأعيان، فيجب على كل من كان قادرًا عليه، ليعبد الله بها، مخلصًا له الدين، وهذه هي الأركان الخمسة.
وما سوى ذلك، فإنما يجب بأسباب المصالح، فلا يعم وجوبها جميع الناس، بل إما أن تكون فرضًا على الكفاية كالجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وما يتبع ذلك من إمارة، وحكم، وفتيا، وتحديث، وغير ذلك. وإما أن يجب بسبب حق الآدميين يختص به من وجب له وعليه، وقد يسقط بإسقاطه، وكذلك ما يجب من صلة الأرحام، وحقوق الزوجات، والأولاد، والجيران، والشركاء، والفقراء، وكذلك قضاء الديون، ورد الغصوب، والعواري، والودائع، والإنصاف من الظالم، ومن الدماء، والأموال، والأعراض.
فكل هذه، هي حقوق الآدميين، وإذا أُبرئوا منها سقطت، وتجب على شخص دون شخص، وفي حال دون حال، ولم تكن عبادة لله يختص بها كل أحد؛ ولهذا يشترك في أكثرها المسلمون واليهود والنصارى، بخلاف الأركان الخمسة، من الشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج - مع استطاعته - فإن وجوبها خُص بكل أحد من المسلمين.
والزكاة، وإن كانت حقًّا ماليًّا فهي واجبة لله، و للأصناف الثمانية مصارفها، ولم تطلب من الكفار لكونها من شعائر الدين... انتهى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - تثقيف الأذهان بعقيدة الإسلام والإيمان [حقيقة الإسلام والإيمان] - المجلد (1)