من أحب العصمة في عمله، والثقة في أمره، فليتمسك بسنة رسول الله ﷺ
والحاصل: أن من أحب العصمة في عمله، والثقة في أمره، فليتمسك بسنة رسول الله ﷺ القولية والفعلية، في سفره وإقامته، وليدع عنه التحويلات البعيدة التي يقال فيها: إن فلانًا الصحابي أقام سنتين يقصر الصلاة، وإن فلانًا أقام سنة يقصر الصلاة، وإن الصحابة أقاموا بأذربيجان أربعة أشهر يقصرون الصلاة، وإنهم أقاموا برامهرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة.
فإن هذه الأقوال كلها تحتاج إلى نظر في صحتها، ثم إلى نظر في معرفة أسبابها، لكون معرفة السبب مما يعين على معرفة طريق الحكم. وأكثر هذه القضايا، أو كلها، وقعت في فتوح البلدان، حيث كان الصحابة يقيمون في منازلة البلد في فتحها الشهرين والثلاثة، وهم يقصرون الصلاة. فنقل قدماء الفقهاء قصرهم للصلاة في المدة الطويلة وأهملوا ذكر سببها، وكونها إقامة لم تخرجهم عن حكم السفر، بل هم باقون على شدة السفر ومشقته، لم يحلّوا حزامهم منه.
وعلى فرض صحة هذه النقول، فإنها أعمال وقعت من الصحابة والتابعين على سبيل الاجتهاد منهم، والصحابي فضلاً عن التابعي إنما يحتج بروايته لا برأيه، لكون الرأي يخطئ ويصيب.
هذا: وإن العصمة والثقة في التمسك بسنة رسول الله ﷺ القولية والفعلية في سفره وفي إقامته، فما آمنٌ في دينه كمخاطر. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.