اعتقاد القضاء والقدر الصحيح تنجم عنه الأفعال الصحيحة

إن اعتقاد القضاء والقدر الصحيح تنجم عنه الأفعال الصحيحة وتَتْبعه الصفات الحميدة من بسط اليد في النفقة والصدقة والجرأة والإقدام وخلق الشجاعة، ويبعث على اقتحام المهالك في سبيل الحق وحماية الدين والوطن، ويلهج أهله بقولهم: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَانَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٥١﴾ [التوبة: 51]. إن هذا الاعتقاد يطبع في النفوس الثبات على المكارم وتحمُّل المكاره ومقارعة الأهوال الشديدة بجأش ثابت، ويحلي الأنفس بحلية الجود والسخاء، لاعتقاده أن ما أنفقه فإن الله سيخلفه، كما يحملها على التضحية بالروح في سبيل الحق والتخلي عن الدنيا وزينتها. فالمسلم الذي يعتقد هذا الاعتقاد وأن نواصي الخلق بيد رب العباد يتصرف فيها كيف يشاء، وأن لله ما أخذ ولله ما أعطى، وأن الدنيا دار متاع يتمتع بها صاحبها برهة من الزمن ثم يزول عنها، وأن الآخرة هي دار القرار، وأن كل امرئ مجازى بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر. فهذا الاعتقاد متى رسخ في قلب المؤمن فإنه لا يرهب الموت أبدًا ولا يجزع منه إذا نزل به، لاعتقاده أن له دارًا هي أبقى وأرقى من دار الدنيا، وعيشًا ونعيمًا هو أرغد وأنعم من عيش الدنيا، فإنه لن يجزع من فراق الدنيا والحالة هذه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الإيمان بالقضاء والقدر على طريقة أهل السنة والأثر / " اعتقاد القدر على الوجه الصحيح تنجم عنه الأفعال الصحيحة والصفات الحميدة " - المجلد (1)