لا يجزع من الـموت ويهوله الفزع منه إلا الذي لم يقدم لآخرته خيرًا
ما عيبت الدنيا بأكثر من ذكر فنائها، وتقلب أحوالها. وهو أدل دليل على زوالها. فتتبدل صحتها بالسقم، ونعيمها بالبؤس، وحياتها بالـموت، وعمارها بالخراب، واجتماع أهلها بفرقة الأحباب. وكل ما فوق التراب تراب، وهذا الـموت الذي يفزع الناس منه ليس هو فناء أبدًا، ولكنه انتقال من دار إلى دار أخرى، ليجزى فيها الذين أساؤوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى. فلا يجزع من الـموت ويهوله الفزع منه إلا الذي لم يقدم لآخرته خيرًا. فهذا الذي يكره الـموت لكراهة لقاء ربه لسوء ما قدمه، ويجتمع عليه عند فراقه للدنيا سكرة الـموت، وحسرة الفوت، وهول الـمطلع، فيندم حيث لا ينفعه الندم. ويقول: ﴿يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي قَدَّمۡتُ لِحَيَاتِي ٢٤ فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ ٢٥ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُۥٓ أَحَدٞ ٢٦﴾ [الفجر: 24-26].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (2) " / (90) وفاة رسول الله ﷺ - المجلد (7)