لما انتشرت الفتوح الإسلامية، عكف الفاتحون جادين على تمهيد قواعد الدين

لما انتشرت الفتوح الإسلامية، وامتد سلطان الـمسلمين على الأقطار الأجنبية، لم يقصروا نفوسهم على استلذاذ الترف، ورخاء العيش، وتزويق الأبنية، وجمع النقود، بل عكفوا جادين على تمهيد قواعد الدين، وهدم قواعد الـملحدين، ونشر العلوم الإسلامية، وتعميم اللغة العربية، وفتح الـمحاكم الشرعية، فاستنبطوا الأحكام، وبينوا للناس الحلال والحرام، وكشفوا عن قلوبهم سجوف البدع والضلال والأوهام، فرقت حضارة الإسلام رقيًّا عظيمًا لا يماثل ولا يضاهى ولا يضام، فاختطوا الـمدن، وأنشأوا الـمساجد، وأشادوا الـمكارم والـمفاخر، ونشروا العلوم والـمعارف، وأزالوا الـمنكرات والخبائث، فأوجدوا حضارة نضرة جمعت بين الدين والدنيا، أسسوا قواعدها على الطاعة، فدامت لهم بقوة الاستطاعة، وغرسوا فيها الأعمال البارة، فأينعت لهم بالأرزاق الدارة. أمدهم الله بالـمال والبنين، وجعلهم أكثر أهل الأرض نفيرًا، وكانوا ممن قال الله فيهم: ﴿...وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 40-41]. فأفيقوا من رقدتكم، وتوبوا من زللكم، وحافظوا على فرائض ربكم، واستقيموا على الجادة، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (2) " / (60) الدين بمثابة الرّوح للإنسان وضياعه مِن أكبَر الخسران - المجلد (7)