امتحن الله من كان قبلنا من الأمم بالشرائع
يقول الله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩﴾ [البقرة: 8-9]. فقد أخبر الله بأنه امتحن بالشرائع من كان قبلنا من الأمم، ﴿لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٣﴾ [الأنفال: 37]. من ذلك فريضة الصيام، فقد فرض على من كان قبلنا صيام خمسين يومًا؛ لكنهم يجيزون للقسيسين والرهبان بأن يغيروا من شريعة الرب ما يشاؤون وما يشتهون. فلما رأى القسيسون أن الصيام تطول مدته عليهم، ويحول بينهم وبين ما يشتهون، أخذوا يسقطون منه عشرة، فعشرة، حتى أسقطوه بالكلية، وجعلوا الصيام عن مجرد كل ذي روح، وجعلوا صومهم في خاصة الربيع، لهذا لعنهم الله في كتابه على تغيير شرائعه، وتبديل فرائضه، فقال سبحانه: ﴿فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ لَعَنَّٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَةٗۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَنَسُواْ حَظّٗا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦ﴾ [الـمائدة: 13]. فعلمنا من فحوى هذه الآية أن الـمحافظة على فرائض الله أنها حظ من الله يخص به من يشاء من عباده.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (34) الذكرى لآخر شعبان والاستعداد بالعمل لدخول شهر رمضان - المجلد (6)