حكمة الرب تأبى أن يدع الناس على حسب ما يدعون بألسنتهم

(إن) حكمة الرب تأبى أن يدع الناس على حسب ما يدعون بألسنتهم، بحيث يقول أحدهم أنا مسلم، أنا مؤمن، أشهد أن لا أله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، بدون أن يختبر صحة دعواهم بالأعمال التي افترضها الله عليهم، فإن قاموا بما أوجب الله عليهم فقد صح إيمانهم، وصدق قولهم فعلهم، ولهذا قال: ﴿وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ﴾ [العنكبوت: 3]. أي اختبرنا الأمم من قبلهم، بالشرائع والفرائض؛ كفريضة الصلاة، وفريضة الزكاة، والصيام ﴿فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ﴾ [العنكبوت: 3]. أي في دعوى إيمانهم، فقاموا بواجبات دينهم من صلاتهم، وزكاتهم، وصيامهم﴿وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 3]. أي: الذين يقولون: ﴿ءَامَنَّا بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ﴾ [الـمائدة: 41]. ولم تنقد للعمل به جوارحهم، وصار حظهم من الإسلام؛ هو محض التسمي به، والانتساب إلى أهله بدون عمل به، ولا انقياد لحكمه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (34) الذكرى لآخر شعبان والاستعداد بالعمل لدخول شهر رمضان - المجلد (6)