دعوى معرفة جميع بقاع الأرض باطلة

قال الشيخ محمد رشيد رضا في فتاواه: سألنا عن سد يأجوج ومأجوج غير واحد، من مصر وروسيا وغيرهما من الأقطار، ونقول قبل كل شيء: إن دعوى معرفة جميع بقاع الأرض باطلة؛ فإن بقعة كل من القطبين -لاسيما القطب الجنوبي- لا تزال مجهولة، وقد استدل بعض العلماء على أن سدًّا بني في جهة أحد القطبين، يذكر بلوغ ذي القرنين إلى موضعه بعد بلوغ مغرب الشمس مطلعها، وليس ذلك جهة الشمال أو جهة الجنوب، ولا يعترض على هذا القول بصعوبة الوسائل الموصلة إلى أحد القطبين، فإن حالة مدنية ذلك العصر، وحالة الأرض فيها غير معروفة لنا الآن، فنبني عليها اعتراضًا كهذا، فما درينا أن الاستطراق إلى أحد القطبين أو كليهما، كان في زمن ذي القرنين سهلاً، فكم من أرض يابسة فاضت عليها البحار، فغمرتها بطول الزمان، وكم من أرض انحسر عنها الماء، فصارت أرضًا عامرة متصلة بغيرها، أو منفردة (جزيرة) وكم من مدينة طُمست حتى لا يُعلم عنها شيء، ومن المعلوم الآن من شؤون المدنيات القديمة بالمشاهدة، أو الاستدلال ما يجهل بعض أسبابه، كالأنوار والنقوش وجر الأثقال عند المصريين القدماء، فالقرآن يقول في ذي القرنين ﴿ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا ٨٩ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا ٩٠﴾ [الكهف: 89-90]. كذا من مطلع الشمس ومغربها، وبين السدين، فما هي تلك الأسباب؟ هل هي هوائية أو كهربائية؟ الله أعلم بذلك. هذا ما يقال بالإيجاز في رد دعوى معرفة جميع أجزاء الأرض التي بني عليها الاعتراض، ثم إن ما بني على هذه الدعوى باطل، وإن فرضنا أنها هي مسلّمة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / سد يأجوج ومأجوج [ قال الشيخ محمد رشيد رضا في فتاواه ] - المجلد (1)