رأي أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بقتال مانعي الزكاة
(وقد) استباح الصحابة قتال الـمانعين للزكاة، وعدُّوهم مرتدين بمنعها. ولما بلغ عمر بن الخطاب أن قومًا يفضلونه على أبي بكر. قال: أما أني سأخبركم عني وعن أبي بكر: إنه لما مات رسول الله ﷺ ارتدت العرب فمنعت زكاتها؛ شاءها وبعيرها. فاتفق رأْيُنا أصحاب محمد ﷺ أن أتينا إلى أبي بكر الصديق. فقلنا: يا خليفة رسول الله، إن رسول الله ﷺ كان يقاتل الناس بالوحي والـملائكة، يمده الله بهم، وقد انقطع ذلك اليوم، فالزم بيتك، فإنه لا طاقة لك بقتال العرب كلهم. قال: أوكلكم على رأي هذا؟ قلنا: نعم. قال: والله لَأَنْ أَخِرَّ من السماء فتخطفني الطير، أحب إلي من أن يكون هذا رأيي! فصعد الـمنبر ثم قال: أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. أيها الناس أَإِن قل عددكم وكثر عدوكم ركب الشيطان منكم هذا الـمركب؟! والله ليظهرن الله هذا الدين على الأديان كلها ولو كره الـمشركون. قوله الحق، ووعده الصدق ﴿بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ وَلَكُمُ ٱلۡوَيۡلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨﴾ [الأنبياء: 18]. ﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 249]. والله - أيها الناس - لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لجاهدتهم عليه، واستعنت الله عليهم، وهو خير معين. والله - أيها الناس - لو أفردت من جمعكم لسللت سيفي حتى أبلى في سبيل الله بلوى، أو أقتل في سبيل الله قتلاً.
قال عمر: فعلمنا أنه الحق ما تبعناه حتى ضرب الناس له بعطن.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (26) فرض الزكاة وفضلها وبركة المال المُزكى وحُسن عاقبَته - المجلد (6)