ليس معنى التفرغ للعبادة أنه التخلي عن الدنيا

ليس معنى التفرغ للعبادة أنه التخلي عن الدنيا، بترك البيع والشراء والأخذ والعطاء، والحرث والبناء، فإن هذا مذموم شرعًا؛ لأن دين الإسلام دين سعي وكسب، وكد وكدح، يجمع بين مصالح الدنيا والآخرة يحب الـمؤمن القوي، والغني التقي، ويحب الـمؤمن الـمحترف، ويبغض الفارغ البطال «إنَّك إنْ تَذَرْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» وقد استأذن أناس من الصحابة النبي ﷺ في أن يبيعوا عقارهم وأموالهم، ويشتروا بها خيلاً وسلاحًا يجاهدون عليها في سبيل الله. فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك وقال: «أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَلَا تُفْسِدُوهَا» واستأذنه بعضهم في أن يتصدق بماله كله فنهاهم عن ذلك . واستأذنه عثمان بن مظعون في التبتل في العبادة، واعتزال الدنيا والنساء فنهاه عن ذلك، وقال لعبد الله بن عمرو بن العاص: ««الـم أُخْبَرْ بأنك تقوم الليل، وتصوم النهار؟» قلت: بلى يا رسول الله. قال: «فلا تفعل، فَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيكَ حَقّاً، ولِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ»
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة 1 " / 20 الحياة الطيّبَة وكونها لا تُدرَك إلا بالأعمال الصّالحة - المجلد 6