التوسع في أمور الحياة، والتمتع بأنواع الـمشتهيات، أمر مشترك بين الـمسلمين والكفار

إن التوسع في أمور الحياة، والتمتع بأنواع الـمشتهيات، هو أمر مشترك بين الـمسلمين والكفار، لأن الدنيا عرَضٌ حاضر، يأكل منها البر والفاجر. والله سبحانه يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب. بل إن التمتع بأنواع الـمشتهيات هو أمر مشترك بين الإنسان وبين بهائم الحيوان، فقد يكون حظ بعض الكلاب من الأكل الـمستطاب، أعظم من حظ بعض الناس، فمن فهم هذا وزال عنه الالتباس، فليعلم أن الحياة الطيبة لا تُدرَك ولا تُنال إلا بالأعمال الصالحات، كما أنه لا يُعبَر إليها إلا على جسر الثبات والاستقامة على الدين، كالـمحافظة على فرائض الصلوات، وكأداء فريضة الزكاة، وبسط اليد بالصدقات وصلة القرابات، والإحسان إلى الـمساكين والأيتام وذوي الحاجات، والتفريج على الـمكروبين والـمنكوبين من ذوي الهيئات، ثم التزود بنوافل العبادات. فمَن لازَم هذه الأعمال، وسعى سعيه في كسب الـمال الحلال، أحياه الله حياة سعيدة طيبة، يجد لذتها في نفسه، وتسري بالصحة والسرور على سائر جسمه، لأن هذه الأعمال هي من أسباب انشراح الصدر، وتيسير الأمر، وسعة الرزق، وزوال الهم والغم. والدنيا محفوفة بالأنكاد والأكدار، وبالشرور والأضرار، ولا يهذبها ويصفيها سوى الدين، وطاعة رب العالـمين. ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس في الرجل
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من مجلد " الحكم الجامعة (1) " / (20) الحياة الطيّبَة وكونها لا تُدرَك إلا بالأعمال الصّالحة - المجلد (6)