لا علاقة للأحاديث الواردة في المهدي بالعقيدة الدينية
وإنه على فرض صحة هذه الأحاديث الواردة في المهدي، أو بعضها، أو تواترها بالمعنى، حسب ما يدعون، فإنها لا تعلق لها بالعقيدة الدينية، ولم يدخلها علماء السنة في عقائدهم كشيخ الإسلام ابن تيمية في رسائله: الواسطية والأصفهانية والسبعينية والتسعينية، ولم تذكر في عقيدة الطحاوية وشرحها، ولا عقيدة ابن قدامة، ولا في الإبانة عن أصول الديانة للأشعري، وهي تتمشى على عقيدة أهل السنة، وهي من آخر مؤلفاته، وجعلها خاتمة حياته، فعدم إدخالها في عقائدهم مما يدل على أنهم لم يعتبروها من عقائد الإسلام والمسلمين. ثم إن غالب الأحاديث التي زعموها صحيحة ومتواترة بالمعنى، ما هي إلا حكاية عن أحداث تقع مع أشخاص، كرجل هرب من المدينة إلى مكة فيبايع له بين الركن والمقام، ورجل يخرج من وراء النهر فيبايع له، ورجل يخرج بعد موت خليفة، ورجل يخرج اسمه الحارث، ورجل يصلحه الله في ليلة.
فهذه كلها ليست من العقائد الدينية كما زعم دعاة المهدي والمتعصبون لصحة خروجه، كما حدث من هذا المدعي أنه المهدي الذي سفك دماء زكية بريئة في الشهر الحرام، في البلد الحرام وفي المسجد الحرام، وحول البيت الحرام الذي يستقبله المؤمنون في المشارق والمغارب صلاتهم ودعاءهم، وروع المسلمين وأحدث بينهم زلزالاً شديدًا وكفى بالمسيء عمله.
لهذا يجب طرح فكرة المهدي جانبًا، فعندنا كتاب الله تعالى نستغني به عن كل دعي مفتون، وهو الملجأ الذي أوصانا رسول الله ﷺ باللواذ به عند الفتن، كما أن لدينا سنة رسول الله ﷺ فيما صح منها سواء كان متواترًا أو أحادًا.
وأرجو بهذا البيان أن تستريح نفوس الحائرين، ويعرفوا رأي أهل العلم والدين في هذه المشكلة التي تثار من آن لآخر ﴿وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ ٤﴾ [الأحزاب: 4].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / من كلام ابن القيّم في كتابه المنار المنيف في الصحيح والضعيف - المجلد 1