أول جمعة صلاها النبي ﷺ ونص خطبته فيها

أما النبي ﷺ فإن أول جمعة صلاها في مسجد بني عبد الأشهل بالـمدينة حين قدم إليها مهاجرًا، ونزل على أبي أيوب الأنصاري، فوافق قدومه يوم الجمعة، فصلى بالناس، وحُفِظَ من خطبته في ذلك اليوم بعد حمد الله والثناء عليه أنه قال: «أيها الناس توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تُشغلوا، وصِلُوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له، وكثرة الصدقة في السر والعلانية؛ تُنصروا، وتُرزقوا، وتُجبروا، واعلموا أن الله افترض عليكم صلاة الجمعة في يومي هذا، في مقامي هذا، من تركها تهاونًا بها، واستخفافًا بقدرها، فلا جمع الله شمله، ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا صيام له» وفي هذا الحديث دليل على عقوبة التارك للجمعة بدون عذر؛ فإنه متعرض لإحباط عمله من صلاته وصيامه، ثم هو متعرض لوقوع دعاء النبي ﷺ عليه، حيث قال: «فلا جمع الله شمله، ولا بارك له في أمره». ومن لا يجمع الله شمله يكون مشتت الحال، كثير الهم والغم والبلبال، كما أن من لا يبارك في أمره يكون دائمًا هلوعًا جزوعًا، جموعًا منوعًا؛ كشارب البحر، كلما ازداد شربًا ازداد عطشًا. فهو فقير، لكنه لا يؤجر على فقره، بل الفقير أحسن حالاً منه. ومن دعاء النبي ﷺ أنه قال: «اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ وَأَخْلِفْ عَلَيَّ كُلَّ فائتة بِخَيْرٍ».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
" الحكم الجامعة (1) " / (4) الجمعة وفرضها وبيَان فضْلها والتحْذير من دُخول البدَع فيها - المجلد (6)