أبعد الناس منا هم أقربهم مودة إلينا

إن مما يزيد في أملي، ويقوي رجائي على صواب علمي، وحسن عملي - ولا أزكي نفسي عند ربي - الثناء الحسن من العلماء الغرباء والبعداء عن بلداننا؛ حينما أسمعهم يلهجون بالدعاء والثناء على حسن ما يسمعونه ويرونه من كتب العلم والحكمة، والتي هي مبتكرات من مشكلات العلوم النافعة، فكان أبعد الناس منا هم أقربهم مودة إلينا، ووقع بنا ما قيل من أن أزهد الناس في عالـم هم: أهله وجيرانه، ومن يعيش بين ظهرانيهم. كما حكى الله سبحانه في كتابه الـمبين عن فرعون، لما جاءه نبي الله موسى برسالة من ربه. فكان جوابه له أن قال: ﴿قَالَ أَلَمۡ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدٗا وَلَبِثۡتَ فِينَا مِنۡ عُمُرِكَ سِنِينَ ١٨﴾ [الشعراء: 18]. فكانت تربيته فيهم، وبداءة نشأته عندهم، هو من أسباب عدم قبولهم لدعوته، والاحتقار منهم للحق الذي جاء به. ولن ننسى عداوة قريش لرسول الله ﷺ، وتكبرهم عن قبول دعوته، من أجل نشأته بينهم، حتى سعد بالسبق إليه الأنصار، وهم أبعد من قريش في النسب والبلد.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
" الحكم الجامعة (1) " / مقدمة المؤلف - المجلد (6)