الإجماع على الفعل لا يدل على الوجوب

وأما الاحتجاج بإجماع الناس على رمي الجمار بعد الزوال فإنه بناءً منهم على محبة التأسي بفعل رسول الله ﷺ وكان الوقت في الزمان الـماضي مناسبًا لهم فيختار أحدهم للرمي من الوقت أفضله، وجرى العمل مستمرًّا على هذه الحالة حيث لا شدة ولا مشقة، حتى ظن أكثر الناس أنه من الأمر الواجب الذي لا محيص عنه، وهو من جنس إجماعهم على النطق بنية الإحرام وليست بواجبة، وعلى التلبية وليست بواجبة، وعلى صلاة ركعتي الطواف وليست بواجبة، على أنه لم ينعقد الإجماع على ذلك، فذهب عطاء وطاووس إلى أنه يجوز الرمي قبل الزوال، وقال في الإنصاف: وجوز ابن الجوزي الرمي قبل الزوال. وقال في الواضح: يجوز الرمي بعد طلوع الشمس. وقال في بداية الـمجتهد عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: يجوز رمي الجمار من طلوع الشمس، ورخص الحنفية في الرمي يوم النفر قبل الزوال مطلقًا، وهي رواية عن الإمام أحمد ساقها في الفروع بصيغة الجزم بقوله: وعنه يجوز رمي متعجل قبل الزوال.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل السادس عشر - المجلد (5)