ليس مراد من أثنى على موسى بن عقبة بالصحة أن كل قول يقوله يكون صحيحًا
إذا ثبت هذا (يعني ضعف خبر نقل النبي صلى الله عليه وسلم للمقام) فإن ثناء الشافعي وشيخ الإسلام على مغازي موسى بن عقبة باق على أصله، وهم إنما يعنون بذلك الأكثر من أقواله لا كل قول يقوله، إذ ليس مراد من أثنى عليه بالصحة أن كل قول يقوله يكون صحيحًا وما خالفه فيه غيره يكون باطلاً؛ لأن "أصح" من أفعل التفضيل الدالة على الـمشاركة والزيادة، فقد يكون في أقوال الـمفضول ما هو أصح من الفاضل كما في الحديث: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» فإن هذا وأمثاله يعد من تفضيل الجملة، وهي لا تقتضي تفضيل كل فرد على كل فرد، إذ من الـمعلوم أنه قد وجد في قرن النبي ﷺ بل وفي بلده النفاق والـمنافقون قال تعالى: ﴿وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَٰفِقُونَۖ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ﴾ [التوبة: 101]. فهذا النفاق قد وجد في خير القرون ولا ينتقض به قاعدة تفضيل قرنه على سائر القرون.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحقيق المقال في جواز تحويل المقام لضرورة توسعة المطاف بالبيت الحرام " / الفصل التاسع - المجلد (5)