لا يُصلِّ أحد عن أحد ولا يصم أحد عن أحد
وأما قوله: إنه نبّه بوصول الصدقة على وصول سائر العبادات الـمالية، ونبه بوصول الصوم على وصول سائر العبادات البدنية، فهذا كله بناء منه على ما وهى أصله ولم يصح سنده؛ فإن الأمر بالصدقة وبالصوم وبالحج وقع من النبي ﷺ بسؤال من الأولاد عن واجبات آبائهم، فأذن لهم بأن يقضوا دين الله عنهم، كما يقضون ديون الناس، وأن يتصدقوا عنهم، فهي ليست كإهداء ثواب الأضحية التي ليست بمفروضة على الأحياء ولا مشروعة عن الأموات ولا دليل على وصول ثواب الصوم مطلقًا من كل من يصوم عن الـميت، حتى يقاس عليه غيره، وفي كتب الفقهاء من الحنابلة الـمختصرة والـمطوّلة أن من مات وعليه صوم، فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين، ولم يقولوا: يصام عنه، وهذا هو الظاهر من مذاهب الأئمة الأربعة، مستدلين عليه بما روى النسائي بسند صحيح عن ابن عباس، قال: لا يصل أحد عن أحد ولا يصم أحد عن أحد، وروي هذا القول عن ابن عمر وعائشة؛ لأن هذا هو الأصل من قواعد الشريعة إلا ما استثني بالنص من صيام الأولاد أو حجهم أو صدقتهم عن والديهم، لا سيما إذا كان ذلك حقًّا ثابتًا بأصل الشرع أو بالنذر، كما كانت الحال في الوقائع التي أفتى النبي فيها أولئك الأولاد.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / فصل في الرد على ادعاءات الشيخ عبد العزبز بن ناصر - المجلد (5)