الخلاف بين علماء السنة في وصول ثواب الأعمال للميت واضح مشهور
وحكي في شرح الإقناع عن الأكثرين، أنهم قالوا: لا يصل إلى الـميت ثواب القراءة، وأن ذلك لفاعله، لقول الله تعالى: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣٩﴾ [النجم: 39]. فالخلاف بين علماء السنة في هذه الـمسألة واضح مشهور، ولم تكن مما اتفق عليه الجمهور، وعدم علم الشيخ به لا ينفي وقوعه؛ لأن عدم العلم بالشيء ليس علمًا بعدمه، لكن يترجح أن فضيلة الشيخ قد غلط في فهم حقيقة ما قاله العلماء في هذا الابتداع وأسبابه، فأتى إلى البحث من الخلف ولم يدخل إليه من بابه، وذلك أن أناسًا من الـمتفلسفة والصوفية والـمبتدعة تكلموا في الدعاء وقالوا: إنه لا ينتفع به الـميت ولا يجدي شيئًا على الحي، فلا ينتفع به الداعي ولا الـمدعو له، لأن الذي تدعو به إن كان قد قدر بطريق الـمشيئة الإلهية، فإنه سيحصل وإن لم تدع، وإن لم يقدر فإنه لن يحصل دعوت أو لم تدع. وبثوا من هذه الفكرة ما يقتضي صرف الناس عن هذه العبادة، فإن الدعاء عبادة من العبادات التي خلق الله الخلق لها، وأمرهم بها، كما روى النعمان بن بشير أن النبي ﷺ قال: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ٦٠﴾ [غافر: 60]». رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه، وله من حديث أنس أن «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ» وله من حديث أبي هريرة «لَيْسَ شَىْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الدُّعَاءِ ومن لم يسأل الله يغضب عليه».
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / فصل في الرد على ادعاءات الشيخ عبد العزبز بن ناصر - المجلد (5)