لا حيلة لي في إفهام من لا يريد أن يفهم
وقد كنت أحسب لهذا الاستغراب (يعني استغراب القول بعدم مشروعية الأضحية عن الميت) الحساب فعملت من الدلائل القطعية والبراهين الجلية من كل ما يؤذن بصحته وصراحته ولم ألقه ساذجًا خاليًا من دليل الحكم وعلته ولا حيلة لي في إفهام من لا يريد أن يفهم، ويُعذر من فعلها أو أوصى بها أو وقف وقفًا عليها من مشايخ الدعوة وغيرهم، بأنهم لمّا سمعوا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في قوله: إنه يضحى للميت كما يحج عنه ويتصدق عنه، وكذا القول الـمنسوب عنه، من أن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها، وتأكد ذلك في نفوسهم بقول صاحب الـمنتهى: وأضحية عن ميت أفضل منها عن حي. فلما سمعوا بهذه الأقوال ظنوا أنها من أفضل الأعمال، وبنوا على ظنهم جواز التبرر بها والوصية بها والوقف على الأضحية، كما قال الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، وهو من مشايخ الدعوة قال: إن الفقهاء لما سمعوا حديث علي أن النبي أوصاه أن يضحي عنه ظنوه صحيحًا، وبنوا على ظنهم بجواز الوقف على الأضحية، والوصية بها، قال: والتضحية عن الـميت لم تكن معروفة عند السلف والحديث ليس في الصحاح، وبعض أهل العلم تكلم فيه وبعض الفقهاء لمّا سمعه أخذ بظاهره وقال: لا يضحى عن الـميت إلا أن يوصي بذلك، وإن لم يوص فلا يذبح عنه، بل يتصدق بثمنها. فالعاملون بها هم مجتهدون مأجورون، ولو تبين لهم الحق على خلاف ما فعلوا لأخذوا به وآثروه على قول كل أحد.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة "مباحث التحقيق مع الصاحب الصَّدِيقِ " / فصل في الرد على ادعاءات الشيخ عبد العزبز بن ناصر - المجلد (5)