لا يجيز المجتهد لأحد أن يجعله شريكًا لله في التشريع وأمور التحليل والتحريم
ومن الـمعلوم أن العالـم قد يقول القول الـمرجوح مجتهدًا فيه فيطبع وينشر وتحفل به الجماهير والخلق الكثير وترسخ حقيقته في ذهن الصغير والكبير، غير أنه ليس بلازم أن يقبل كل ما يقوله العالـم أو يفتي به بدون دليل يؤيده، لأن العالـم قد يقول ما يعجزه أن يقيم الحجة على صحته، وحسبك ما جرى بين الصحابة من رد بعضهم على بعض في مسائل الفروع وكل يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله ﷺ.
فما كان أحد هؤلاء الـمجتهدين يجيز لأحد أن يقلده فيما أخطأ فيه ويجعله شريكًا لله في التشريع وأمور التحليل والتحريم، فالقول باعتقاد إهداء ثواب الأعمال إلى الأحياء والأموات، كما يقوله الفقهاء يفضي إلى أن يعرى عمل العامل من ثواب الله له على عمله ويحصل الأجر والثواب لمن لا يعمل، وهو خلاف سنة الله وشرعه في الجزاء على الأعمال بالثواب والعقاب، وقد زاد الـمتأخرون من الفقهاء القول بجواز إهداء ثواب صلاة الفرض وسائر ما لا تدخله النيابة من العبادات إلى كل مسلم حي أو ميت، وعندهم لا فرق بين الفرض والنفل، بل لو صلى صلاة مفروضة وأهدى ثوابها لأبويه صحت الهدية.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / إهداء ثواب الأعمال إلى الموتى - المجلد 5