لا أصل لمنع الأكل من أضحية الميت

وأما القول: بمنع الأكل من أضحية الـميت لكونها - بزعمهم - حقًّا للمساكين كما يقوله عبد الله بن الـمبارك ومن أخذ برأيه، كما هو الظاهر من مذهب الشافعي وأبي حنيفة. فهذا الـمنع ليس له مستند من الصحة، فإن الله سبحانه أباح الأكل من لحوم الأضاحي على الإطلاق، فقال: ﴿فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا﴾ -أي سقطت بالأرض بعد ذبحها- ﴿فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّ﴾ [الحج: 36]. ولأن الإنسان يشتري الأضحية ويذبحها لميته على سبيل التبرك ومن نيته أن يأكل هو وأهله وعياله منها، كما يفعل بأضحيته بنفسه، فهذا هو الـمتعارف عند الناس والفعل العرفي كالشرط اللفظي، ولكل امرئٍ ما نوى، ولم نجد دليلاً يحرم الأكل منها على الـمتقرب بها، لكونه ليس في نيته ولا من قصده أن يتصدق بها كلها، أشبه دم الـمتعة والقران، حيث قال بعض الفقهاء بمنع الأكل منه لكونه دم جبران، والصحيح إباحة الأكل منه، فإن الله سبحانه أباح الأكل منها، وقد أكل رسول الله وأزواجه وأصحابه منها، لكونها دم نسك وليست بدم جبران.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الدّلائلُ العَقليَّة وَالنقليَّة في تفضيل الصّدقة عَن الميِّت على الضحيَّة وَهَل الضحيّة عَن المَيت شَرعيَّة أو غَير شَرعيَّة " / فصل في رد القول بمنع الأكل من أضحية الميت - المجلد (5)