النص في حديث أبي ذر على أن موسى عليه السلام هو أول أنبياء بني إسرائيل دليل على بطلان هذا الحديث
الأمر الثالث مما يحقق عدم صحة حديث أبي ذرٍّ: قوله: «وأول نبي من بني إسرائيل هو: موسى، وآخرهم عيسى» فهذا واضح البطلان، بالدليل والبرهان، وبالسنة والقرآن، فإن أول نبي من بني إسرائيل هو: يوسف الصديق -عليه الصلاة والسلام- فهو الذي أسس دولة بني إسرائيل بمصر، واستدعى أباه وإخوته من القدس إلى مصر. وإسرائيل اسم يعقوب نبي الله، وبين يوسف الصديق، وبين موسى سنون طويلة، لا يعلم عددها إلا الله تعالى.
وحكى الله تعالى عن يوسف، بعدما جمع الله شمله بأبيه وإخوته، فقال: ﴿۞رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّٰلِحِينَ ١٠١﴾ [يوسف: 101].
وأما كون آخر أنبياء بني إسرائيل عيسى، فهذا صحيح بلا نزاع، فليس بعد عيسى أحد من الأنبياء سوى محمد نبينا ﷺ.
والحاصل: أن حديث أبي ذرٍّ في عدد الأنبياء والرسل، وتفريقه بين الأنبياء والرسل، هو حديث موضوع، أي مكذوب على أبي ذرٍّ وعلى رسول الله ﷺ، فلا يجوز لأحد أن يحدث به الناس إلا في حالة بيانه لبطلانه، ليحذر الناس عن الاغترار به، إذ الموضوع هو المكذوب وقد اتهموا بوضعه إبراهيم بن هشام.
وقد قال السيوطي في ألفية الحديث:
والخبر الموضوع شرّ الخبر
وذكره لعالم بهِ احظرِ
فمتى تحققنا من وضع هذا الحديث، تبين لنا بطلان ما تضمنه من عدد الأنبياء، وتقسيمهم بين الأنبياء والرسل.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الإيمان بالأنبياء بجملتهم وضعف حديث أبي ذر في عددهم / [ عدد الأنبياء وما جاء في ذلك ] - المجلد 1