لم يكن المراد من النهي عن الجوس والوطء على قبر الميت الخوف من تأذي الميت

ثم إنه لم يكن المراد من هذا النهي (يقصد نهي الحديث عن الجلوس على القبر والوطء عليه) تأذي الميت بما يفعل الناس بقبره من وطء وغيره، كما يتصوره بعض الناس، فإن الميت لا يحس بشيء من ذلك أبدًا، إذ هو ميت، وما لجرح بميت إيلام، حتى لو أن رجلاً حيًّا اضطجع باللحد وردم عليه بالحجارة، ثم سوى التراب عليه كما يفعل بالميت، فإنه لن يحس بوطء قبره ولا بدوسه لكثافة التراب فوقه، فما بالك بالميت. فنهـي النبي ﷺ عن الوطء عليه وقوله: «كسر عظم الميت ككسره حيًّا»، رواه أبو داود. وقوله: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» رواه البخاري، وقوله: «اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم» ، إنما مراد النهي في هذا الحكم هو بيان حرمة المسلم حيًّا وميتًا، وأن احترام قبره عنوان احترام شخصه، كما أن مهانته تدل على مهانته.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " جواز الاقتطاف من المسجد والمقبرة " / المقابر - المجلد 4