جمع القرآن هو من عناية حفظ الله له
إن القرآن بفحوى لفظه وخطابه يوجب أن يكون مجموعًا بمقتضى شرع الله وقدره، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ ١٧﴾ [القيامة: 17]. وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس، قال: كان رسول الله يعالج من التنزيل شدة، فكان إذا نزل عليه جبريل يحرك شفتيه خشية أن ينسى شيئًا منه، فأنزل الله تعالى: ﴿لَا تُحَرِّكۡ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعۡجَلَ بِهِۦٓ ١٦ إِنَّ عَلَيۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ ١٧﴾ أي جمعه في صدرك ثم تقرأه، ﴿فَإِذَا قَرَأۡنَٰهُ﴾ أي أوحيناه ﴿فَٱتَّبِعۡ قُرۡءَانَهُۥ ١٨﴾، أي فاستمع وأنصت له، فحكم سبحانه بجمع القرآن المستلزم لحفظه وضبطه، كما تولى سبحانه حفظه بقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ٩﴾ فجمعه هو من عناية حفظ الله له، بخلاف الكتب السماوية النازلة على سائر الأنبياء، فقد استحفظ أهلها عليها فحصل فيها التبديل والتغيير لعدم عناية أمتهم بحفظ دينهم، كما قال تعالى: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ ٧٩﴾ [البقرة: 79].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " كلمة الحق في الاحتفال بمولد سيد الخلق " / [رد سماحة الشيخ على رسالة: الاحتفال بذكر النعم واجب] - المجلد (4)