استدلال الشيخ عبد العزيز بالآية ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٖ وَلَا نَبِيٍّ﴾ حجة عليه

ثم هو (النبي) يُنبِّئ عن الله أمره ونهيه وأحكامه وحلاله وحرامه وصلاته وصيامه، كما نجد القرآن يخاطبهم باسم الرسول بقوله: ﴿۞تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَٰتٖۚ وَءَاتَيۡنَا عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدۡنَٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ ٱخۡتَلَفُواْ فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ وَمِنۡهُم مَّن كَفَرَۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفۡعَلُ مَا يُرِيدُ ٢٥٣﴾ [البقرة: 253]. ﴿۞يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا يَحۡزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْۛ سَمَّٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِينَ لَمۡ يَأۡتُوكَۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ يَقُولُونَ إِنۡ أُوتِيتُمۡ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُواْۚ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ًٔاۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ ٤١﴾ [البقرة: 253]. ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٦٤﴾ [الأنفال: 64].. فمن لوازم إنزال الوحي على النبي هو الإنذار والتبشير كما هي طريقة الرسل وكما نصف نبينا محمدًا ﷺ بأنه نبي رسول. .. فوُصِف هذا النبي بإرساله إلى الناس، وبه يتبين أن استدلاله بالآية هو حجة عليه لا له، وهو واضح جلي لا مجال للشك فيه، غير أن الهوى يعمي عن رؤية الحق والكبر يمنع من اتباعه. نظيره قوله سبحانه: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ [البقرة: 213]. فوصف هؤلاء النبيين بالإنذار والتبشير وهي وظيفة الرسل. وكما في صحيح مسلم عن العباس أن النبي ﷺ قال: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًّا وبمحمد نبيًا رسولاً». وليست هذه التسمية بهذه الصفة من خصائصه، بل يشاركه فيها سائر الأنبياء، إذ ليس عندنا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أن فلانًا نبي، وليس برسول، فيلزم المدعي لذلك إيجاد الدليل الواضح الذي يبين اسم النبي الذي ليس برسول. ﴿ٱئۡتُونِي بِكِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ هَٰذَآ أَوۡ أَثَٰرَةٖ مِّنۡ عِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ٤﴾ [الأحقاف: 4]. فالتفريق إنما هو تنوع اسم والمسمى واحد.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - القول السديد في تحقيق الأمر المفيد / [ المدرك الاول: أن الرسول والنبي اسمان لمعنيين. وضعف هذا الاعتراض ] - المجلد (1)