الأدلة على أن الأنبياء كلهم مرسلون

قوله سبحانه: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٖ وَلَا نَبِيٍّ﴾ [الحج: 52]: أي ولا أرسلنا نبيًّا إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته، فدلت هذه الآية بفحوى لفظها ومعناها: أن الله يرسل الأنبياء إلى الناس. نظيره قوله سبحانه: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّآ أَخَذۡنَآ أَهۡلَهَا بِٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمۡ يَضَّرَّعُونَ ٩٤﴾ [الأعراف: 94]. ومثله قوله سبحانه: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ﴾ [البقرة: 213]. وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر.. أن النبي ﷺ قال: «إنه ما من نبي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أُمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم عن شر ما يعلمه لهم وإن استعجل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها.. الحديث». فوصف رسول الله جميع الأنبياء بإرسالهم إلى الناس بدون استثناء أحد منهم، وأنه ما من نبي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم عن شر ما يعلمه لهم، فكلهم مرسلون يبشرون وينذرون، يتبين أن استدلاله بالآية هي حجة عليه لا له.. وهذا جلي لا مجال للشك فيه، غير أن الهوى يعمي عن رؤية الحق والكبر يمنع من اتباعه.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - القول السديد في تحقيق الأمر المفيد / [ المدرك الاول: أن الرسول والنبي اسمان لمعنيين. وضعف هذا الاعتراض ] - المجلد (1)