أقسام الأغنياء

إنه ما بين أن يثاب الإنسان على الطاعة والإحسان، أو يعاقب على الإساءة والعصيان، إلا أن يقال: فلان قد مات، وما أقرب الحياة من الممات. وكل ما هو آت آت. إن الناس عند استفادة الغنى على أقسام: منهم البخيل المقتِّر، ومنهم السفيه المبذر، ومنهم الوسط المقتصد، الغني الشاكر، وخير الأمور أوسطها. أما البخيل المقتر: فهو التاجر الجموع المنوع، الذي غمره الله بنعمته، وفضله بالغناء على كثير من خلقه، ثم يجمد قلبه على حب ماله، وتنقبض يده عن أداء زكاته، وعن الصدقة منه، والصلة لأقاربه، والنفقة في وجوه البر والخير الذي خلق لأجله، قد التاط قلبه بحب الدنيا، فجعلها أكبر همه، وغاية قصده، وصرف إليها جل عقله، وجل عمله، وجل اهتمامه، وترك لأجلها فرائض ربه، ونسي أمر آخرته، ولم يزل ذاك دأبه، حتى يخرج من الدنيا مذؤمًا مدحورًا، لا خيرًا قدمه، ولا إثمًا سلم منه، وربما كان يحدث نفسه في حال فقره أن لو أغناه الله لأنفق وتصدق وأدى زكاة ماله، فلما حقق الله آماله، وكثر ماله، فرّ ونفر، وبخل واستكبر، فهذا بالحقيقة فقير لا يؤجر على فقره، قد أوقع نفسه في الفقر من مخافة الفقر، فكان جموعًا منوعًا هلوعًا جزوعًا، فلا ينبغي أن يُغبط بكثرة ماله، مع العلم بفساد أعماله، إذ هو أخو قارون في كثرة ماله، وفساد أعماله. خُلقوا وما خُلقوا لمَكرمُةٍ فكأنهم خُلقوا وما خُلقوا رُزقوا وما رُزقوا سماحَ يدٍ فكأنهم رُزقوا وما رُزقوا
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الاشتراكية الماركسية ومقاصدها السيئة / " شكر نعمة الغنى بالمال " - المجلد (3)