فتح مكة ثمرة من ثمار صلح الحديبية
.. فصار صلح الحديبية الذي كرهه أكثر المسلمين ويرون أن فيه غضاضة وهضمًا للمسلمين عاقبته فتحًا ونصرًا مبينًا، وبه فتح الله مكة لرسوله فدخلها رسول الله والمسلمون عنوة وسلاح أهلها بأيديهم مستعدين لحرب رسول الله وأصحابه، فوسع نطاق الأمن للناس وقال: «من دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه عليه فهو آمن». وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة ولما سمعه يرتجز في تمنيه للقتال ويقول: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل فيه الكعبة، أخذ الراية منه ودفعها إلى ابنه قيس وقال للصحابة: «إنه سيلقاكم أوباش قريش فإياكم أن تحصدوهم». وكان رجل يصلح سلاحه لمحاربة رسول الله وأصحابه وعنده زوجته قالت له: ما أرى أحدًا يقوم لمحمد وأصحابه. فقال: إني أرجو أن أخدمك أحدهم. ثم أخذ يرتجز ويقول:
إن يقبلوا اليوم فما لي عِلَّهْ
هذا سلاح كامل وألَّهْ
وذو غرارين سريع السلَّهْ
ثم أخذ سلاحه وخرج ثم رجع سريعًا مذعورًا، وقال لزوجته: أغلقي عليَّ الباب. قالت له: ما أسرع ما رجعت! فأخذ ينشد:
إنك لو رأيت يوم الخندمهْ
إذ فر صفوان وفر عكرمهْ
واستقبلتنا بالسيوف المسلمهْ
يقطعن كل ساعد وجمجمهْ
لهم نهيت خلفنا وهمهمهْ
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمهْ
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "الفتح الأكبر الذي أعز الله به الإسلام ونصر وأذل به الباطل وكسر" - المجلد (3)