توطئة لموضوع رسالة "الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام"
أهدى إلي أحد المشايخ الكرام كتابًا عنوانه الجهاد في الإسلام بين الطلب والدفاع لمؤلفه الشيخ صالح اللحيدان، فعملت عملي في دراسته لأعجم عود فراسته وأعرف حقيقة سياسته، فألفيته قد ألفه كرد منه على كتابنا الجهاد المشروع في الإسلام.
وقد بنى قواعده على أمرين: أحدهما زعمه بأن الجهاد المشروع في الإسلام هو قتال الكفار حتى يسلموا بطريق الطلب، لا فرق في ذلك بين المحاربين والمسالمين، وزعم أن رسول الله وأصحابه هم المبتدئون بالقتال في غزواتهم، وأنهم المطالبون للعدو؛ لأن خروجهم لعير قريش لا يعني غير هذا، ولم تكن غزواته لهم لأنهم قاتلوه أو اعتدوا عليه؛ فإنه لم يسبق لهم ذلك إلا في نادر الأحوال، وأخذ يندفع في تحقيق رأيه وتفنيد كلام من يخالفه، وهذه هي طريقة بعض العلماء المتقدمين وأكثر العامة، حتى حسبها الكاتب حقًّا لا يجوز تبديله ولا النظر في أمر يخالفه.
الأمر الثاني: قول من يقول: إن سبب الجهاد هو الدفاع عن الدين ودفع أذى المعتدين على المؤمنين، وأن الرسول ﷺ إذا قاتل فإنما يقاتل لرد العدوان على الدين أو على عباده المؤمنين، وقد سخط الكاتب هذا القول أشد السخط، وتحامل على القائلين به بالإنحاء بالملام، وتوجيه المذام بدون كرامة ولا احترام، فوسمهم بالزراية وعدم الدراية والرواية، بعبارات كلها تقتضي الجنف والجفاء وتنافي الإنصاف، قد جعل فيها الجد عبثًا، والتبر خبثًا، والصحيح ضعيفًا.
وكم من مليم لم يصب بملامة
ومتبع بالذنب من لا له ذنبُ
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / " الرد على كتاب الجهاد في الإسلام بين الطلب والدفاع " - المجلد (3)