الاختلاف في تعريف النسخ
والقول الأول (أن النسخ بيان ما لم يرد بالخطاب) هو قول المعتزلة، وقد وافقهم عليه طائفة من الفقهاء والمتكلمين؛ كأبي الحسن الجزري والقاضي أبي يعلى وغيرهما من أصحاب أحمد، وكأبي إسحاق الإسفرائيني وأبي المعالي.
لكن هؤلاء تناقضوا، فإنهم يجوزون النسخ قبل مجيء الوقت، والتخصيص لا يكون برفع جميع مدلول الخطاب.
وطائفة طردت قولها كأبي الحسن الجزري من أصحاب أحمد وغيره، فإن هؤلاء وافقوا المعتزلة في المنع من النسخ قبل التمكن من الفعل وقبل حضور الوقت. وهذا في الحقيقة موافقة منهم لمن منع النسخ من اليهود، ومن حُكي عنه من المسلمين المنع من النسخ كأبي مسلم الأصفهاني، فهذا حقيقة قوله إذ كان التخصيص المتصل لا يمنعه أحد من عقلاء بني آدم. ومن لم يجوز تأخير البيان عن مورد الخطاب، ولا في النسخ، كأبي الحسين البصري، فإنه يقول: لا بد إذا ورد خطاب، وهو يريد أن ينسخه فيما بعد، أن يشعر المخاطبين بنسخه؛ لئلا يفضي إلى تجهيلهم باعتقاد تأبيده.
والجمهور يقولون: من اعتقد تأبيده بغير دليل كان قد فرط وأُتي من جهة نفسه.