وجوب العدة وجواز الرجعة

فمن ذلك قوله تعالى: ﴿ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِۖ فَإِمۡسَاكُۢ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖۗ﴾ [البقرة:229]. فصرحت هذه الآية بأن لكل مُطلقة عدة بحسبها، وأفادت جواز الرجعة خلالها في إمساكها بارتجاعها متى رغب فيها، أو تسريحها متى انتهت من غسلها من الحيضة الثالثة. وهذه الآية - كنظائرها - نص في وجوب العدة لكل مطلقة تتربص فيها؛ ريثما يفكر الزوج في عزمه على رجعتها أو على فراقها فيتركها حتى تنتهي من غسلها من حيضتها الثالثة فتبين منه وتحل للأزواج. نظيرها قوله سبحانه: ﴿فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖۚ وَلَا تُمۡسِكُوهُنَّ ضِرَارٗا لِّتَعۡتَدُواْۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗاۚ﴾ [البقرة:132]. ﴿وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ﴾. أي شارفن على انقضاء عدتهن ولم يحضن بعد، فعند ذلك يفكر الرجل في أمره، فإن رغبها ارتجعها وتكون عنده زوجة له كحالتها السابقة، وإن رغب عنها تركها تمضي في سبيل إكمال عدتها، فبعد غسلها من الحيضة الثالثة تحرم عليه وتحل للأزواج، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖۚ وَلَا تُمۡسِكُوهُنَّ ضِرَارٗا لِّتَعۡتَدُواْۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوٗاۚ﴾ [البقرة: 231]. ونظيره من سورة الطلاق: ﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ﴾ [الطلاق: 2]. فقوله: ﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ﴾ أي قاربن على انقضاء عدتهن بإقبالهن على الحيضة الثالثة ولمّا يحضن بعد، في ذلك الوقت يفكر الرجل في إمساكها بارتجاعها بالمعروف أو فراقها بأن يخلي بينها وبين إكمال عدتها بفراغها من غسلها من حيضتها الثالثة؛ فعند ذلك تحرم عليه وتحل للأزواج. فهذه الآيات تؤكد أن لكل مطلقة عدة تتربص فيها، وأن للزوج جواز الرجعة في خلالها فرضًا محتمًا، فليس في شريعة الإسلام طلاق بائن بدون عدة ولا رجعة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / وجوب العدة وجواز الرجعة زمنها || المجلد (2)