تفسير ابن كثير لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ إِذَا تَرَٰضَوۡاْ بَيۡنَهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ﴾
قال ابن كثير في التفسير عن علي بن طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين، فتنقضي عدتها، ثم يبدو له أن يتزوجها وتريد المرأة ذلك، فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله الأولياء أن يمنعوها.
وذلك أن الطلقة الواحدة تبين المرأة إذا لم يراجعها زوجها في عدتها، ومثله الطلقتان المفرقتان، وعند الثالثة إما أن يمسك بمعروف أو يطلق بإحسان، فإن لم يطلق فإنها تطلُق منه ولا تحل له إلا بعقد جديد. وقد روى البخاري في صحيحه عند تفسير هذه الآية أنها نزلت في معقل بن يسار وأخته، أن أخته طلقها زوجها فتركها حتى انقضت عدتها، فخطبها زوجها، فأبى معقل، فنزل قول الله سبحانه: ﴿وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ﴾.
وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه من طرق متعددة عن الحسن عن معقل بن يسار، وصححه الترمذي أيضًا ولفظه: عن معقل بن يسار أنه زوج أخته رجلاً من المسلمين على عهد رسول الله ﷺ فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت عدتها، فهواها وهوته، ثم خطبها مع الخطاب، فقال له: يا لُكع بن لُكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبدًا آخر ما عليك. قال: فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها، فأنزل الله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحۡنَ أَزۡوَٰجَهُنَّ إِذَا تَرَٰضَوۡاْ بَيۡنَهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ مِنكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ ذَٰلِكُمۡ أَزۡكَىٰ لَكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ٢٣٢﴾ [البقرة:232].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / عمر بن الخطاب وإمضاء الطلاق بالثلاث || المجلد (2)