تضعيف حديث أبي ركانة
نحن نسوق قول العلامة ابن القيم في إغاثة اللهفان عن حديث أبي ركانة مفصلاً قال:
ضعف حديث أبي ركانة في الطلاق البتة:
وأما حديث أبي ركانة أنه طلق امرأته البتة وأن رسول الله ﷺ استحلفه: ما أراد بها إلا واحدة، فحديث لا يصح. قال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب العلل: قال أحمد: حديث أبي ركانة في البتة ليس بشيء. وقال الخلال في كتاب العلل: عن الأثرم قلت لأبي عبد الله: حديث أبي ركانة في البتة، فضعفه. وقال شيخنا: الأئمة الكبار العارفون بعلل الحديث كالإمام أحمد والبخاري وأبي عبيد وغيرهم ضعفوا حديث البتة، وكذلك أبو محمد بن حزم، وقالوا: إن رواته قوم مجاهيل لا تعرف عدالتهم وضبطهم. قال: وقال الإمام أحمد: حديث أبي ركانة أنه طلق امرأته البتة لا يثبت، وقال أيضًا: حديثٌ ليس بشيء؛ لأن ابن إسحاق يرويه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثًا. وأهل المدينة يسمون من طلق امرأته ثلاثًا (البتة)
فإن قيل: فقد قال أبو داود: حديث البتة أصح من حديث ابن جريج أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثًا؛ لأن أهل بيته أعلم. يعني وهم الذين رووا حديث البتة. قال شيخنا في الجواب: إنما رجّح أبو داود حديث البتة على حديث ابن جريج لأنه رُوي حديث ابن جريج من طريق فيها مجهول، فقال: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد البر عن ابن جريج أخبرني بعض ولد أبي رافع عن عكرمة عن ابن عباس: طلق عبد يزيد، أبو ركانة أم ركانة ثلاثًا.. الحديث. ولم يرووا الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن إبراهيم بن سعد حدثني أبي عن محمد بن إسحاق حدثنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه: طلق أبو ركانة بن يزيد امرأته ثلاثًا في مجلس واحد.
فلهذا رجح أبو داود حديث البتة على حديث ابن جريج، ولم يتعرض لهذا الحديث ولا رواه في سننه، ولا ريب أنه أصح من الحديثين، وحديث ابن جريج شاهد له وعاضد، فإذا انضم حديث أبي الصهباء إلى حديث ابن إسحاق إلى حديث ابن جريج مع اختلاف مخارجها وتعدد طرقها أفادت العلم اليقيني، فإنها أقوى من حديث البتة بلا شك، ولا يمكن من شم روائح الحديث ولو على بعد أن يرتاب في ذلك، فكيف يقدم الحديث الضعيف الذي ضعفه الأئمة ورواته مجاهيل على هذه الأحاديث الصحيحة؟! انتهـى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحكم الشرعي في الطلاق السني والبدعي " / غضب رسول الله ﷺ من الذي طلق ثلاثًا بلفظ واحد || المجلد (2)