قد فعل عمر والصحابة أشياء تقتضيها المصلحة العامة، فصارت سنة متبعة

قد فعل عمر والصحابة شيئًا من أمور الحياة مما تقتضيه المصلحة العامة، فصارت سنة متبعة، من ذلك عتق أمهات الأولاد وكن يُبعن زمن النبي ﷺ. فعن ابن عمر قال: نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد، قال: لا تباع ولا توهب ولا تورث، يستمتع بها ما بدا له، فإذا مات فهـي حرة. رواه مالك والبيهقي. وكان سبب هذا ما أخرجه الحاكم وابن المنذر عن بريدة، قال: كنت جالسًا عند عمر إذ سمع صائحة، فقال: يا بريدة انظر ما هذا الصوت. فذهب ثم رجع فقال: هذا صوت جارية من قريش تباع أمها. فقال: ادع لي المهاجرين والأنصار. فدعوتهم له، فلم يمكث ساعة حتى امتلأت الدار والحجرة منهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فهل كان فيما جاء به محمد ﷺ القطيعة؟ قالوا: لا. قال: فإنها قد أصبحت فيكم فاشية. ثم قرأ: ﴿فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ ٢٢﴾ [محمد: 22]. ثم قال: وأي قطيعة أقطع من أن تباع أم امرئ منكم، وقد أوسع الله لكم؟ قالوا: فاصنع ما بدا لك. فكتب إلى الآفاق: أن لا تباع أم حر. وقد انعقد الإجماع على المنع من بيعهن، فلم يبق فيه مخالف. ومنها منعُه الصحابة عن الانتقال عن المدينة وسكناهم الشام أو العراق، لتقوى بيضة الإسلام في المدينة، فلم ينتقلوا إلا في خلافة عثمان. ومن ذلك التسعير في حالة الحاجة والضرورة ومراعاة عموم المصلحة، متى زادت قيم الطعام على الناس زيادة غير معتادة وكان الطعام أو السلع ترد على أشخاص معينين، بحيث يستطيعون أن يتحكموا في أثمانها فوق القيمة المعتادة، فقد قال بعض العلماء بجواز التسعير عليهم، وبعضهم قال بوجوب التسعير والحالة هذه، وأول من نسب عنه هذا الأمر هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان يمر بالبياع ويقول: إما أن تبيع كما يبيع الناس أو ترتفع عن سوقنا.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحديد الصداق ومعارضة المرأة لعمر بن الخطاب في ذلك " / وليمة العرس || المجلد (2)