تخريج حديث معارضة المرأة لعمر وأول من قال به

قضية معارضة المرأة لعمر أول من أخرجها سعيد بن منصور عن هيثم عن مجالد عن الشعبي، وهيثم مدلس ومجالد ضعيف. وقال في التقريب: ليس بالقوي وقد تغير في آخر عمره... وأخذ العلماء ينقلون هذه القضية من واحد إلى آخر حتى تغلغلت في الأذهان وانتشرت في كل مكان. وقد أخذ أبو يعلى بهذه الرواية الضعيفة، وهو إنما توفي عام سبع وثلاثمائة وانفرد بها عن جمهور المحدثين من أهل الصحاح والسنن، ودخل في روايته من الزيادات ما يستبعد وقوعها ولم نر من قال بها غيره، من ذلك قوله: إن عمر صعد منبر رسول الله ﷺ فنهى عن المغالاة في المهور، وبعد معارضة المرأة له وقولها: لِمَ تحرمنا شيئًا قد أباحه الله لنا؟ إن الله تعالى يقول: ﴿وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَاهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡ‍ًٔاۚ﴾ [النساء: 20]. قال عمر: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته. ثم صعد المنبر مرة ثانية، فقال: كنت نهيتكم عن الزيادة في صدقات النساء على أربعمائة درهم، فمن أحب أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل. قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل. انتهـى. فهذه الزيادات قد انفرد بها أبو يعلى عن أئمة الحديث مع زعمه أن كلا الأمرين وقعا من عمر في مكان واحد وفي زمان واحد. وقد خطب بها على منبر رسول الله بزعمه، فكيف يحفظ أهل السنن والصحاح نهيه عن المغالاة في المهور ويهملون ما يعد ناسخًا له؟! وقد أخذ العلامة ابن كثير برواية أبي يعلى وقوى سندها على ضعفها، قال: وفي هذه الآية دلالة على جواز الإصداق بالمال الكثير. ثم قال: وقد كان عمر بن الخطاب نهى عن كثرة الإصداق، ثم رجع عنه. ثم ساق رواية عبد الرزاق عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال عمر: لا تغالوا في مهور النساء، فقالت امرأة: ليس ذلك لك، إن الله تعالى يقول: ﴿وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَاهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡ‍ًٔاۚ﴾ فقال عمر: امرأة خاصمت عمر فخصمته، ثم ساقه عن طريق فيه انقطاع.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحديد الصداق ومعارضة المرأة لعمر بن الخطاب في ذلك " || المجلد 2