ثبوت نهي عمر عن المغالاة في المهور والخلاف في رجوعه عن ذلك
(إن) نهي عمر عن المغالاة قد ثبت من رواية الثقات الأثبات، فرواه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه والدارمي والبغوي وأبو داود الطيالسي وصححه ابن حبان والحاكم، كلهم بدون ذكر المرأة وبدون ذكر رجوع عمر عن رأيه فيه، إذ لو كان واقعًا صحيحًا لما أهمل المحدثون ذكره لاعتبار أنه بمثابة النسخ لقوله السابق.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري على باب الصداق من البخاري قال: أصل قول عمر: لا تغالوا في صدقات النساء. هو عند أصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم بدون ذكر المرأة.
وعلى كلا الحالين، فإن الاستدلال بهذه الآية على إباحة التوسع في المهور لا يصح لكون الآية وردت مورد الزجر في المبالغة عن أخذ شيء من مال المرأة سواء كانت مطلقة أو معلقة من كل ما ملكته من زوجها بطريق العطاء أو الصدقة أو الصداق، ولو كان قنطارًا، وفسر القنطار بملء مسك ثور، وفسر بألف ومائتي أوقية ذهبًا، وسواء ما آل إليها منه قبل النكاح أو بعده، إذا لم يقع منها ما يكون سببًا في الرجوع، من ارتكابها الفاحشة أو نفرتها عن الزوج بدون سبب يوجبه، فتفتدي منه برد ماله إليه في تخليص نفسها من عصمته، وهذا جائز بالكتاب والسنة.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " تحديد الصداق ومعارضة المرأة لعمر بن الخطاب في ذلك " || المجلد 2