الناس يتفاوتون في فهم ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وحمله والعمل به
أخبر النبي ﷺ عن حقيقة هذا العلم الذي جاء به والذي أوحاه الله إليه، وأن الناس يتفاوتون في فهمه وحمله والعمل به، فقال فيما رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري. قال: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِىَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِى دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ».
وهذا مثل مطابق للواقع من أحوال الناس مع هذا الوحي والهدى النازل عليهم، وأن هذا التفاوت في حمل العلم وفهمه واستنباطه هو أمر واقع بين الصحابة فمن بعدهم، وأن الصحابة يتفاوتون في حمل الحديث وحفظه واستنباطه، وقد وصفوا ابن عباس بالأرض الطيبة التي قبلت الـماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، فحمل أحاديث كثيرة ثم فرعها واستنبط منها الفقه في الأحكام وأمور الحلال والحرام، فكان آية في معرفة الاستنباط، ومثله عائشة أم الـمؤمنين رضي الله عنها.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " سنة الرسول ﷺ شقيقة القرآن " / نشأة النبي ﷺ يتيمًا أميًّا - المجلد 5