خلق الله الخلق ليعبدوه
إن الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه، وركب فيهم العقول ليعرفوه، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ليشكروه، فأوجد لهم في الدنيا جميع ما يحتاجون إليه من المطاعم والمشارب، والفواكه والثمرات، وسائر أنواع الخيرات ومن كل ما يحتاجونه من الضروريات والكماليات، كلها كرامة من الله لعباده، يتنعمون بها في حياتهم، ويتمتعون بها إلى ما هو خير منها لآخرتهم، فقال سبحانه: ﴿كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَلَا تَطۡغَوۡاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبِيۖ وَمَن يَحۡلِلۡ عَلَيۡهِ غَضَبِي فَقَدۡ هَوَىٰ ٨١﴾ [طه: 81].
فأمر الله عباده بأن يأكلوا من طيبات ما رزقهم، وحذرهم من الطغيان: وهو مجاوزة الحد في السرف والترف، والفسوق والعصيان بأن يستعينوا بنعم الله على معاصيه، أو يستعملوها في سبيل ما يسخطه ولا يرضيه، لكونهم محاسبين ومجزيين بما يفعلون، كما قال سبحانه: ﴿فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ١٧﴾ [العنكبوت: 17]. فذكرهم سبحانه رجوعهم إليه؛ للوقوف بين يديه، فيسألهم ماذا كنتم تعملون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ وهو معنى ما يقول الصابرون: ﴿ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ١٥٦﴾ [البقرة: 156].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - البراهين والبينات في تحقيق البعث بعد الوفاة / " توطئة " - المجلد (1)