استنبط الفقهاء المتقدمون من حديث كريب القول باختلاف المطالع إذا تباعدت الأقطار
وقد استنبط الفقهاء المتقدمون من هذا الحديث (يعني حديث كريب) القول باختلاف المطالع إذا تباعدت الأقطار، وأن أهل كل قطر يعملون برؤيتهم أخذًا من مفهوم هذا الحديث بدون أن يقع له ذكر فيه وهم مجتهدون في زمانهم ومأجورون - إن شاء الله تعالى - على اجتهادهم، لكنه لا يلزم صحة ما قالوا ولا العمل به ما دامت الحقائق تكذبه.
فهم قالوا بذلك في حالة انقطاع السبل وتباعد أخبار الأقطار فلا يعلم أهل المشرق عن كيفية صوم أهل المغرب وفطرهم ولا عن كيفية طلوع الهلال عندهم.
أما في هذا الزمان عند وجود آلة التليفون والتلفزيون والذي صار أهل المشرق يخاطبون به أقصى أهل المغرب شفهيا بصوت جلي غير خفي ليكلم من في المشرق صاحبه في المغرب: متى رأيتم الهلال؟ ومتى صمتم ومتى أفطرتم؟ فيخبره بواقع الأمر والحال، إذ لو كان صحيحًا لكان أهل المغرب أحق بالسبق إلى رؤية الهلال من أهل المشرق لقربهم من مغيب الشمس الذي يُرى الهلال قريبًا من غروبها، وواقع الحال أنه متى رأى أهل المغرب الهلال جليا، فإنه يراه أهل المشرق كذلك بلا فرق.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
من رسالة " الحُكم الشرعي في إثبات رؤية الهلال " / كثرة اعتراض الوهم والتخيلات في رؤية الهلال || المجلد 2