المقارنة بين تعامل المتقدمين والمتأخرين مع الأحاديث

إننا متى قابلنا بين العلماء المتقدمين والمتأخرين، نجد الفرق واسعًا، فلا مداناة فضلاً عن المساواة، إذ العلماء المتقدمون قد جمعوا بين العلم والعمل، فهم أحق وأتقى وأقرب للتقوى. لكن العلماء المتقدمين يغلب عليهم حسن الظن بمن يحدثهم، ويستبعدون تعمد الكذب على رسول الله ﷺ من مؤمن بالله، ولهذا أكثروا من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة، حتى بلغت خمسين حديثًا في قول الشوكاني كما نقلها عنه السفاريني في لوامع الأنوار، وأورد ابن كثير في نهايته الكثير منها، وفي كتب الشيعة: إنها بلغت ألفًا ومائتي حديث. والسبب أن من عادة علماء السنة المتقدمين التساهل فيما يرد من أحاديث أشراط الساعة، كأحاديث المهدي، والدجال، ويأجوج ومأجوج، وما كان من قبيل ذلك فلا يتكلفون في نقدها، ولا إخضاعها للتصحيح ولا للتمحيص لعلمهم أنها أخبار آخرة متأخرة. بخلاف أحاديث الأحكام وأمور الحلال والحرام، وما يحتاجه الناس في عبادة ربهم والتعامل فيما بينهم في أمور دنياهم، فقد بالغوا في تحقيقها بمعرفة رواتها، وما يجوز وما لا يجوز منها، فهم بعلم صحيح نطقوا وببصر ناقد كفوا.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - لا مهدي يُنتظر بعد الرسول محمد ﷺ خير البشر / المقارنة بين أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين - المجلد 1