استدراج الله جل وعلا لعدوه قارون
قال (تعالى): ﴿وَءَاتَيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلۡعُصۡبَةِ أُوْلِي ٱلۡقُوَّةِ﴾ [القصص: 76]. فأخبر الله سبحانه عن قارون بأنه مع كفره وعصيانه، وبغيه وطغيانه، أن الله أرخى له العنان في فنون البغي والعدوان، وأعطاه من كنوز الأموال على اختلاف الأنواع والألوان ما يعجز العصبة الأقوياء عن حمل مفاتيحه، سواء قلنا: إن المفاتيح من حديد أو من خشب أو من جلود، وحسبنا تنويه القرآن بعظمتها، مما يدل على عظمة المخزون بها، وهو استدراج من الله له في سعة الرزق وبسطته؛ لأن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب.
وإذا رأيت الله سبحانه يسدي نعمه على الشخص، والشخص مُصرّ على معصية ربه، فاعلم أنما هو استدراج من الله له، يقول الله: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ ٤٤ فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٤٥﴾ [الأنعام: 44-45].
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الاشتراكية الماركسية ومقاصدها السيئة / " دين الإسلام ليس بدين رأسمالي ولا بدين اشتراكي " - المجلد 3