حكمة تحريم الخمر

أخبر الله سبحانه أن الخمر والميسر رجس، والرجس هو النجس الخبيث، وأنه من عمل الشيطان فلا يدمن شرب الخمر واللعب بالقمار إلا من هو شيطان. ثم قال: ﴿فَٱجۡتَنِبُوهُ﴾ وهو أبلغ من قوله: دعوه أو اتركوه؛ لأنها من المجانبة أي المباعدة، كأنه يقول: ابعدوا عنها كل البعد وكونوا في جانب وهي في جانب، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر. الله أكبر وكلام الله حق، لقد شاهدنا العداوة بين المسلمين حقيقة، جلية للعيان، فإن الشخص متى كان عفيفًا عنها وفي فسحة حينئذ يعيش مع الناس عيشة مرضية وبأخلاق كريمة زكية وبعقل وأدب وحسن خلق وظرف يتمتع في دنياه متاعًا حسنًا، يحبه أهله وجيرانه وأقاربه، ثم توضع له المودة في الأرض فيحيا حياة طيبة، يجد لذتها في قلبه وتسري بالصحة والسرور على سائر جسمه، فإذا انزلق في شرب الخمر وتخمر في قلبه حبها وأدمن شربها، فإنه ينسلخ من الفضائل ويتخلق بالرذائل وترك الفرائض، ويبغض أهله وأقاربه وجيرانه ويبغضونه، ثم تحل الكآبة على وجهه وتخيم الوحشة والخوف على أهل بيته، بحيث يتوقعون سطوته؛ لكونه قد أزال عن نفسه نعمة العقل الذي شرفه الله به وألحق نفسه بالمجانين. وكيف يرضى بجنون من عقل.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الجندية وعموم نفعها وحاجة المجتمع لها / " اللعب بالكرة وذم الإسراف فيه " - المجلد 3