الكافر المحارب والكافر المسالم

قوله سبحانه: ﴿فَإِن لَّمۡ يَعۡتَزِلُوكُمۡ وَيُلۡقُوٓاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ﴾ [النساء: 91]. أي حيث وجدتموهم، ﴿وَأُوْلَٰئِكُمۡ جَعَلۡنَا لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا ٩١﴾؛ أي حجة بينة تبيح قتلهم وقتالهم، وضدهم المسالمون حيث قال في حقهم: ﴿فَإِنِ ٱعۡتَزَلُوكُمۡ فَلَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ وَأَلۡقَوۡاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سَبِيلٗا ٩٠﴾ يعني إلى قتالهم. فالآيات المطلقة التي تأمر بقتال الكفار تحمل على هذه الآيات المقيدة لجواز حمل المطلق على المقيد؛ لكون الكافر المسالم ما مضرة كفره إلا على نفسه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته السياسة الشرعية: إن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله كما قال سبحانه: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ١٩٠﴾ [البقرة: 190]. وذلك أن الله سبحانه أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق كما قال تعالى: ﴿وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِ﴾ [البقرة: 191]. أي إن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار للمسلمين من الشر والفساد ما هو أكبر منه، فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرة كفره إلا على نفسه، يعني فلا يقاتل. انتهى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله
مجموع الرسائل - الملحق بكتاب الجهاد المشروع في الإسلام / "التفاوت بين الكفار المحاربين وبين الكفار المسالمين للمسلمين" - المجلد 3